27.06.2017

“إيلي شموئيل”، أب ل”عيدان”، وهو ولد مع توحد يبلغ السادسة والنصف من عمره.
نقوم معظمنا بأعمال روتينية بدون التفكير فيها. فعلى سبيل المثال، إن كنا نريد الحلاقة، نتوجه إلى صالون الحلاقة القريب، نجلس لدى الحلاق لنحلق شعورنا، أليس هذا صحيحًا؟ الرجال منا، والذين يحلقون شعورهم ويقصّرونه، يعرفون تمام المعرفة ذلك الشعور المنعش عند تقصير الشعر.
ولكن ما العمل إن كنتم تريدون حلاقة شعر ابنكم وهو يرفض ذلك؟ أتقصون له عدة قصص؟ أو ربما تعدونه بوعود مختلفة… فقط ليوافق على حلاقة شعره. ولكن ما الذي يحدث إن كان الولد مع توحد ولا يبدي استعدادًا لأن يلمس أحدهم رأسه؟ مالعمل مع ولد لا يجلس في مكان واحد، وعند اقتراب أحدهم مرتديًا “روب” (يُفضل أن لا يكون باللون الأبيض)… يسبب له ذلك نوعًا من الهستيريا وصراخ شديد؟ كيف نسكته؟ كيف نصنع في تلك الحالة؟
وصل موشيه الحلاق إلى مكتبنا لأمر آخر. وبعد تلبية حاجته، عرفنا بأنه حلاق، وبأنه أيضًا يحلق للأولاد. لقد أجرى “تخصصه” على جميع أولاد الحي، كما أنه يأتي للحلاقة لهم في منازلهم. حددنا موعدًا معه.
لكي نتمكن من الحلاقة لولد مع توحد، يجب أن نعلمه بأن “م_و_ش_ي_ه ا_ل_ح_ل_ا_ق” سياتي، وبأنه “ح_ل_ا_ق”. هكذا ولعدة مرات في اليوم. كل يوم. حتى مجيء الوقت الذي سيأتي فيه موشيه الحلاق. يجب أيضًا أن نري الولد وعلى أرض الواقع ما الذي يفعله موشيه الحلاق، قبل أن يجلس على الكرسي المستديرة ويبدأ بالحلاقة. جلست أنا وحلقت. يائير ابني، جلس هو الآخر وحلق أيضًا. حان دور عيدان. وهو يرفض أن يحلق، لأنه لا يعرف ماذا يعني ذلك. أو أنه لا يوافق على أن يلمس أحدهم رأسه، فيشرع بالصراخ بأقصى طاقته.
هنا المكان لكي أشير إلى الثناء الذي يستحقه موشيه، والذي لم يثنه صراخ عيدان، فتقبل ذلك بهدوء مفاجئ وبرحابة صدر، لما يغضب، أمسك بماكينة الحلاقة وبدأ بقص شعر عيدان شعرة. بعد شعرة. بعد شعرة. وفجأً، قرر عيدان بأن هذا يكفي، وبأن الحلاقة قد انتهت. وهرب إلى غرفته. أرجعته إلى الكرسي، ومجددًا عاد ليهرب وهو يصرخ هذه المرة. أدركنا بعدم جدوى استخدام القوة لإجلاسه على الكرسي، فقررنا بأن أجلس أنا على الكرسي، ويجلس عيدان في حجري. أمسك أنا بعيدان وموشيه يحلق له شعره. شعر بعد شعرة. هذه المرة أيضًا لم يعطنا عيدان الفرصة لتثبيته، فهو لا يتقبل الحلاقة. موشيه، وبالكثير من اللطف والحنكة، إستمر بنهجه المفاجئ بهدوءه وثقته، إستمر بحلاقة شعر عيدان. عيدان يصرخ، أنا أمسك به وأثبته على الكرسي وموشيه يستمر في الحلاقة، هكذا في جميع جوانب الرأس. حلاقة شعر ولد تستغرق عشر دقائق، إستغرقت لدينا ما يقارب النصف ساعة، ولكن وفي نهاية الأمر، تمت الحلاقة. حلق عيدان شعره، فأصبح يبدو أجمل من غير الكومة التي كانت فوق رأسه منذ برهة. في المرات المقبلة التي أتى فيها موشيه للحلاقة لعيدان، تطورنا قليلًا، فأصبح يأتي قبيل موعد نوم عيدان، ذلك لكي يكون عيدان قد استنفذ معظم طاقته خلال اليوم فلا يقاوم حلاقته.